الامثال الشعبية نتاج للبيئة الطبيعية وتعبيرا ادبيا للتجارب الانسانية
تتاثر الامثال الشعبية والعادات بالبيئة الطبيعية والانسانية في كل مجتمع وتعد تعبيرا ادبيا ناجما عن تجربة خاضها الانسان وانفعالات معينة من خلال الممارسات اليومية للحياة.
والعادات الشعبية ومعها الامثال ليست شيئا عشوائيا ياتي ولاندري كيف اتى وانما هي ذات ارتباط وثيق بالبيئة الطبيعية والانسانية التي تنشئها وتطورها وقد تطويها وهي تولد للتعبير عن حاجة وموقف وتتطور وفق تطورهما.
واهتم الشعراء في عصر ما قبل الاسلام بالمثل وضمنوا قصائدهم دلالة على قيمته الادبية اما في عصر الاسلام فقد تضمن القران الكريم في العديد من اياته حيث يقول عز وجل و"تلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون" صدق الله العظيم.
ولم تستطع الحدود الجغرافية ان تقف حاجزا لعزل ثقافات الشعوب بعضها عن بعض وانعكس ذلك على الامثال التي تطرح مشكلة انسانية مثل الصداقة والمحبة والتربية والايمان والفقر والغنى والتسامح فانها تتشابه عند كل الشعوب وبدون تحديد انما الاختلال فيظهر في الامثال التي لها خصوصية البيئة.
ويظهر الاختلاف بين البيئة الصحراوية والساحل والجبل ففي الجزيرة العربية يشبهون الانسان المتعدد المزايا الحسنة بالنخلة فيقولون "مثل النخلة كل ما فيها يفيدك" فيما يقولون في سوريا عن نفس الشخص "مثل الورد كله منافع" ولان تمر النخيل هو الطعام الاكثر شيوعا.
وفي البيئة الصحراوية والبادية يقولون بامثالهم "التمر مسامير الركب" وفي المدن السورية يقولون "البرغل مسامير الركب" والبرغل هو المسلوق من القمح ومن ثم تنشيفه وطحنه عبر الجاروشة اليدوية بشكل خشن.
وفي النظافة حيث انها اول ما يلتفت اليها الانسان وكونها تتبع الماء والصابون حيث يقولون في الامثال من يحتاج اليها "يلزمه لوح صابون وقلب حنون" فاذا لم يوجد الماء في وقت فان التيمم بصعيد طيب أي بتراب نظيف ليصبح الحل البديل.
ومن الامثال عن الاستعداد المسبق للنظافة يقولون "نظف بيتك ما تعرف من يدوسه ونظف وجهك ما تعرف من يبوسه".
اما الكرم فيمتدح ويقال "ان الكريم لا تدري شماله بما تفعله يمينه" و"الكريم حبيب الله" اما البخل فيذم وقد يضحك ويقول المثل "ابو فليس".
وقال الباحث في المورثات الشعبية محمد اسماعيل لوكالة (كونا): نجد تشابها عميق الغور ورباطا خفيا يربط امثال الامم حيث هناك روابط بين الامثال السومرية والسريانية والعربية والفرنسية والبابلية والهندية والانكليزية ففي المثل السرياني القديم "ياكل الغني حية أي افعى فيقول الناس للشفاء اكلها وياكلها ابن الفقير فيقول الناس من جوعه اكلها" .
وفي الامثال الشعبية السورية يقولون "الغني شكته شوكة صار بالبلد دوكه والفقير قرصه لدغه أي لدغه ثعبان قالوا له اسكت بلا كلام".
واضاف اسماعيل ومن الامثال التي تحمل صفة الديمومة والبقاء تلك التي تتعلق بتربية الابناء لضرورتها اليومية وحاجة الناس الماسة لها يقول المثل السرياني "لا تتهاون في ضرب ابنك لتادبيه فان فائدة الضرب له كفائدة السماد للبستان".
ويقول المثل السوري "اذ كبر ابنك نجر له القضبان" ومن الامثال التي تخض على تكريم الام والاب حيث يقول المثل "اللي ما بيسمع من والديه يغضب الله عليه وغضب الاب من غضب الرب ودير باللك على امك التي تتحمل همك".
ومن الامثال على اللسان فان بعض هذه الامثلة تشبه لسان المرء بعصا السفينة حيث يقال "اذا كان لسانك هو عصا السفينة فانت ربانها" وفي سوريا يقولون "الكلمة الحلوة صدقة" وكذلك "الكلمة الحلوة بتداوي جروح والكلمة الحلوة بتطالع الحية من وكرها وفي البادية يقولون "لسام حصانك ان صنته صانك وان هنت هانك".
اما الكرم فهو من العادات التي تختلف من المدينة عن البادية في سوريا فاهل الحواضر لا يستطيعون ان يكونوا في مثل كرم اهل البوادي ذلك لانهم مقصودون في كل يوم فلو انهم فتحوا ابوابهم على رحبها لافتقروا وحتى من هو كريم بينهم يكون كرمه بمقدار ومنهم من يعوض كرم اليد بكرم الكلام فلقاؤهم ترحيب لطيف ومن هنا المثل الشامي "لاقيني ولا تطعميني".
ولاهمية الامثال الشعبية والعادات لما لها من ارتباط وثيق بحياة البشرية اخذ العديد من الباحثين العرب بالعودة الى توثيق هذه الامثال والعادات لان العديد منها هو صالح لكل زمان.